Yousuf Al-Harbi Photo

نقطة البداية بعد فتى واحد جميلآ ، أطلّ رأسي كي يتفقد العالم .. أمي كانت مسؤولة وقتها عن ذنب ألا تأتي بطفلٍ ذكر ، فجئت فغفر المجتمع لها ذلك عام 1991م ، مخلوقٌ نحيل درس سنته الأولى بمدرسة ” خالد ” التي كنت أذهب لها مشياً قبل أن تترصد لي فتاة مخبولة تلزمني بأن أقرأ سورة الفلق حتى تطلق حال سبيلي ، كل صباح .. كنت أدعو الله بصوتٍ خفيض : ” عساك للموت “ كانت تلك أمنيتي الأولى الضرورية . تقلدت ” المسؤولية ” وطولي لايتجاوز الكلمة تلك ، أذكر أن والدتي – أطال الله عمرها – وضعت نذراً مفاده : أن استطاع ابني أن يصرف 500 ريال فسأوزع لحماً على من يسكن الحارة .. فعلت ذلك بسن السادسة وطارت رقبة الخروف المسكين الذي لن يتفهم يوماً معنى مسؤوليتي المبكرة .

طفلٌ يرسم بعام 2004م كنت لا أزال أدس الراديو تحت أذني حين النوم ، مستمعاً لكل الفضاءات المختلفة عنا والتي كنت أعتقدها نسخاً مكبرة من حارتنا . في الرسم فلسفة عظيمة وخصوصا في اللوحات الجميلة التي ابدعها الخالق جل جلاله في الطبيعة لدي شغف لجعل الأمور التي تظهر على الشاشة توجد طريقة جديدة لعمل شيء ما ،وإيجاد مساحة جديدة في مخيلتي هو ما أحب عن العمل. كنت مراهقاً أكتب وارسم بكل مكان مسطح ممكن .. من كتب الدراسة للطاولات ، جدران البيت والشارع بل حتى على ذراعي ، خطي المميز كان يجعل الجريمة معروف من فعلها مسبقاً ” كل العبارات من الممكن كتابتها ” كما كنت أقول لنفسي دائماً .. لا أعاقب عادة لأني أبدو هادئاً فبالتالي يُتجاوز عن حماقاتي .. كثيرا ما مر علي سؤال هل أنا موهوب في الرسم أم لا ؟ أحببت الرسم منذ صغري وكنت أرسم لكن كان رسمي كله تقليد لصور و روسومات الآخرين وبالفعل نجحت في تقليد الصور والرسومات ولقد تعجب أستاذ مادة الرسم, بل كل المدرسين عندما يرو رسوماتي, وكانت لي رسومات كثيرة وكانت كلها تقليد, كنت وفي يوم ما قال لي صديق: تقليد الرسم ليس بموهبة فموهبة الرسم الحقيقية أن ترسم من خيالك وليس أن تقلد بعدها أصبت بالإحباط وتوقفت عن الرسم فترة طويلة لكن في النهاية عدت له وكنت مازلت مقلدا اكثر مما كنت مبدعا O_0. أذكر مرة قمت كنت منتبهآ مع شرح أحد الأساتذة وقمت بتحول الشرح لـ لوحة فنية تعجب منها الإستاذ, ثم عاقبني *_*.
اختص الله سبحانه وتعالى بعضاً من عباده بملكات معينة وهي ما يطلق عليها الموهبة الفطرية .. بداية موهبتي أيام طفولتي كانت تجذبني الألوان جداً ،رزقني الله بموهبة الرسم .. ومن ثم تعلمت الرسم وكانت رسماتي بريئه ، ومنذ بلوغي العاشره من عمري وكنت امارسها بشكل يومي وأفضل أوقات لدي لممارست الرسم العصر وأخر الليل وقت الهدوء.

شريط حياة مسرّع تسارعت السنوات ، درست المتوسطة بنفس الحي ، لم نكن نملك سيارات حينها .. من كان يقود واحدة يعتبر الصديق الحتمي لكل من لايجدون من يقلهم عند الرجوع .. المتوسطة كانت بيئة عفنة ، مزدحمة بكل سيء ، التدخين كان أمراً ليس مستغرباً ، أن تكون حسن الوجه يعني أن تكون سيء الحظ ، فالتحرش حدث روتيني بينما تحفل أوقات الفسحة بالدماء جراء العراك ، كان الأمر بمثابة مشاهدة صراع ديكة .
الثانوية لم تكن تبعد عنها إلا جداراً ولا تقل وحشة ، هناك الكل يصبح رجلاً تلقائياً .. جدران غرست أعلاها قطع من الزجاج المبشور ، وأسلاك شائكة .. ممرات الطوابق فصلت عن بعضها بأبواب فولاذية بأقفال محكمة تفتح عند الانصراف كل ذلك حتى لا نهرب .. اخترت القسم العلمي بذلك السجن ، أما القسم الأدبي فكان للنساء فقط ” كما قال لي أحد من يكبرونني سناً عند وصفه للقسم وبالمناسبة بالسعودية تعد مفردة النساء حين تطلق على رجل : شتيمة ” . طحنتني الدراسة .. كنت أفعل ذلك لمستقبل لا أعرفه .. كان الجميع كذلك ، الآتي كان رمادياً لا وجه له، تخرجت من المتوسطة, وأكملت دراسلتي الثانوية بعد تمشيط الشوارع بخطواتي استمر حتى حوالي 720 كيلو, عند التخرج كان الخيار الوحيد الذي لا اريد الإلتحاق به هو: العسكرية .. ولأن لا واسطة لدى والدي ، ذهبت إلى الكلية التقنية .. أذكر كيف غصت بنا قاعة لكرة السلة ونحن نرتدي القميص والبالطو ، كانت نسب قبولي منعدمة فهربت من الطابور ، بدوت وأنا أمشي كعصفورٍ بلله المطر ، بعد أيام جاء قبولي – بحقيقة الأمر كنت اخاف من الكمبيوتر - لاني لا أعرف كيف يعمل وكيف يشتغل وكيف اتعامل معه .. المهم أن الكلية كانت الأخت الكبرى للثانوية ، رغبة ميتة كل صباح، لم أكن أملك سيارة، ثلثي المكأفأة ذهبت مع تأشيرات التاكسي والثلث الأخر ذهب في شراء الكتب والملازم، وعلى الرغم من هذا ,لم اتغيب يوما عن الكلية ولم أتاخر. كنت لا أحمل المواد ( أي لا أرسب ) وبالتالي فأنا طالبٌ جيد .. ولكن ليس بالكمبيوتر. لم أكن متحمساً لما أفعله لأنه لم يكن يناسبي ليس لأي سبب آخر ، كان تخصصي هو شبكات الحاسب الآلي. الشيء الوحيد الذي مازلت اتذكره هو انني كنت اطلب من زميلي الذي بجانبي ان يقوم بتشغيل كمبيوتري في المعمل (اي انني لا اعرف اي شي بالممبيوتر) كان الطلاب ينتهون ويخرجون من المعمل ومازلت انا في نصف عملي وابحث عن حرف الـ (ذ) .. كان المدرس يتصفح كراستي ,التي ارسم فيها, بحجه الإنتظار لكي انهي عملي واحيانا يمل من الإنتظار ويذهب إلى مكتبه قائلا : (إذا انتهيت احفظ عملك واقفل القاعة وانصرف) كنت حينها الوم نفسي لماذا دخلت هذه الكلية وانا لا اعرف شياء عن الكمبيوتر .. ولكن الشي الجميل هو انني تخرج من الكلية بتخصص (شبكات الحاسب الآلي - والبرمجة ) , الثانية كانت جهدا من نفسي بالإستعانه من قوقل Google.

الرسم .. مرةً أخرى بـ 2010 م ، رسمت افضل رسماتي الصامته بـ قلم الرصاص ، كنت ارسم المدرسين وهم يشرحون الدرس وكنت ارسم اخي الصغير .. ايضا كنت ارسم لبعض الأصدقاء .. بعد سنتين تركت الرسم مرغماً في بدايات الـ 2012م اشتريت اول نطاق (domain).. اصبحت ابرمج صفحات انترنت بسيطة جدا بإستخدام الـ سي اس اس و الـ اتش تي ام ال كانت كل برمجتي هي صفحات عرض فقط .. وبعد سنه من الممارسة اصبحت اتقن لغة الـ بي اتش بي .. واصبحت استخدمها مع لغات البرمجة السابقة في تصميم صفحات الإنترنت والمواقع في عام 2013م اتتني منحة دراسية للخارح (بعثه) ولكن رفضتها والتحقت بـ كلية المدربين التقنيين بالرياض .. كنت لا اريد ان ابتعد عن اهلي ولكن قدر الله وما شاء فعل في هذه الكلية دخلت في تخصص شبكات و ادارة نظم .. ولككني تعملت لغة الـ جافا وخلال سنتين اتقنت لغة الجافا سكربت وذلك بألإستعانه بـ قوقل بعذ ذلك انشأت موقع زيروتايب لتصميم التطبيقات ومواقع الإنترنت .. ومواقع اخرى لا يسعني ذكرها الآن.

مبرووووووووك التخرج في بدايات 2016 .. لا ادري كيف أبدأ ..أو بأي لغة أتحدث .. فأنا في موقف صعب .. عواطفي متأججة... أبكي فرحا" على انجاز تعليمي الذي سرق مني عمري ... أم أبكي حزنا على فراق أناس أحببتهم.. أناس ساندوني وكانوا لي الكتف التي اتكئ عليها... أناس ليسوا ككل البشر... صفتهم الرحمة والإخلاص.. مثلهم التعاون..ميزتهم التسامح.. عاشرتهم وعشت معم بل هم عاشوا بداخلي.. بكياني ..بوجداني..لم يفارقوني لحظة.. لم يبخلوا علي بنصيحة..ولن يفارقوا كياني ماحييت.. مبروك التخرج اليوم أصبح لها معنى خاص في قلبي .. واقع جميل أعجز عن البوح به... من كان يصدق أنني اليوم أتحرر من كل الأنظمة.. والقيود التي كبلتني طيلة عمري أو على الأقل منذ أن أدركت كلمة احد المتخرجين الذين سألتهم عن الكلية في أول أيام دخولي لها, عندما جاوبني بـ هذه ( كلية الصّبر!! ) كان هذا يوم الأربعاء 2013/03/13 وها أنا قد صبرت طويلا وكان صبرا جميلا
هنا تمنيت أن والدي على قيد الحياة حتى يستطيع أن يشاركني ( رحمه الله رحمة واسعة وغفر له وأسكنه فسيح جناته ) لو كان على قيد الحياة لما أُغمضت عيانه حتى يطمأن على درجاتي وشهادتي. رغم كل هذا فأنا مقصَر في حقه, فأنا لم اقم بتقديم واجب العزاء حتى. فيا الله اغفر لي وأعفو عني و اكتب له جنتك.

حياة جديدة لقد تمت مراسلتي من قبل عدة شركات بالرياض (لا افضل البوح بأسمائها) ولكن في كل مرة كنت اخشى من المصطلح المتعارف بيننا (كرف) وكنت كل مره اقول فيها: لا بأس سأجد وظيفة أفضل بالمستقبل، ولكن تتناشط الفكر داخل رأسي يوما وأقول: "ماذا لو لم اجد وظيفة أصلا"، ثم أرجع وأقول في نفسي: "لا .. سوف انتظر حتى اجد وظيفة, حتى ولو كانت عن بعد", لا اعرف مالذي انتظره فعلا ولكنني متفاؤل جدا للمستقبل, فيا ربي اكتب لي الخير. يمكنكم أن ترشدوني إذا كان تفكيري صحيحاً أم لا فأنا دائما أرحب بأي نصحية. بعد عدة أيام وصلتني 5 طلبات من المشاريع خلال إسبوع واحد, كان واحدا منهم هو مشروع (متاجر المدينة) وقد دخلت شراكة في هذا المشروع وها انا بدأته واعتقد انني سوف انتهي منه في غصون 4-5 شهور, ربي وفقني واجعله باب رزق لي , انك على كل شي قدير.

البحث عن وظيفة مع العجز في ميزانية 2016 تناولنا أخبار لم تسر على ما يرام, ارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء والمياة, وسمعنا اخبار عن أن التوظيف هذه السنه سيتوقف لسد العجز. هنا تكسرت مجاديفي ويأست, وبعد تفكييير وبحث وتقديم دام لـ شهر أو أكثر على الوظائف الرسمية والحكومية, لم يظهر اسمي, فحمدت ربي على كل حال وان تعبي عند الله لن يضيع.. كلنا نعلم أن الارزاق بيد الله سبحانه لكن لابد لنا من السعي لاجل الرزق, وعلى الرغم من طول هذه المدة إلا أنني لم اكن متسعجل بالإلتحاق بـ وظيفة لكثرة الطلبات التي أعمل عليها. بالاضافة إلى أنني اعمل في وظيفة عن بعد. وبعد إنتظار افتتح التقديم في المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني واكملت إجراءات القبول و بعد أن أجريت المقابلة الشخصية قالوا لي "خلك حولنا دايم وعلى الجوال" ارهبتني المكالمات, كل ما دق جوالي دق قلبي معه. بعد يومين استقبلت مكالمة من أحد الموظفين وكانت المفاجأه بالخبر أن هذه الوظيفة حكومية وأنني سأكون مُرسّم عليها والخبر الأجمل أنها تعادل المرتبه العاشرة فأستبشرت خيرا وعلمت ان رزقي لن يأخذه غيري. شكرا لله ولم انسى والدي ( رحمه الله رحمة واسعة وغفر له وأسكنه فسيح جناته ) ووالدتي ودعاؤهما ورضاؤهما وكل من وقف بجانبي. ارجوا من كل من يقرأ بالدعاء والتوفيق لي.
وأود أن أذكركم ان من اسباب الرزق, العمل بالأسباب ثم الصبر ثم الصبر ثم الصبر. والصدقه, ودعاء الوالدين ورضاهما .. وكثرة الاستغفار .. وقيام الليل. لا أنكر أنني بالماضي يئست وفقدت الامل واسودت الدنيا بعيني واعتزلت الناس وبدأت افكر بإنهاء حياتي. بالفعل ايقنت ان عندي رب عظيم رب رحيم رب كريم رب يفي بوعده اذا وعد .. اللهم اني اشهدك بإني كتبت القصة حب الخير في اخواني ولكي اشكر نعمتك علي. اللهم فإعطي كل واحد منهم مسألته واجمعني بهم في فردوسك الاعلى مع النبيين والشهداء والصالحين اخوه على سرر متقابلين

مرحلة جديدة كلنا سمعنا و رأينا كثير من الاخوان والاخوات الذين لديهم آمال وطموحات وأمنيات متمنين أن تتحقق, لكن تحققيقها يمكن أن يكون ضرب من الخيال وواحد من المستحيلات. فالاول يبحث عن وظيفه والثاني امنيته الزواج والثالثة امنيتها في الولد و و و و الخ.. الجميع وضع تصور لمشكلته أن حلها مستحيل, مع أن الحل بيد كل واحد منهم, لكن للاسف غافلين عنه. انا شاب مثل اي شاب آخر لدي آمال وطموحات واهداف وكنت اتوقع انها صعب تتحقق ومن ضمنها الزواج ( حلم اتمنى تحقيقه ) لكن المشكلة العين بصيرة واليد قصيرة. كنت أخشى من المستقبل ومن هذه المرحلة, أخشى أن أعمل في مكان غير مناسب لي, ذات مرة, تحدثت مع أحد مطوري نظم مايكروسوفت في مدينة الرياض, كنت أفتخر لمجرد حديثي معه, كنت أحلم أن أصبح ذات يوم مثله, ها أنا اليوم أعمل كـ مطور نظم في أحد الجهات الحكومية بالرياض, فعلا .. لايوجد شيء مستحيل, قد البعض لايؤمن بهذه المقولة, لكن انا اول من يؤمن بهآ. بل بالاصرار وبالتفآؤل وبالتحدي سنحطم الاحلام ونجعلها واقعآ

الحاضر وقبل أن أنسى ، هذا المكان ولد عام 2013م ، ولم يحجب ابدا .. هو لكم ، وتلك ليست جملة إنشائية لأبين بها تواضعي ، بل لأن الكتابة إن لم تُقرأ فهي مضيعة شاسعة للوقت .. سأكون ممتناً لتواصلكم

شكراً لله عليكم.